الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإتقان في علوم القرآن (نسخة منقحة)
.النَّوْعُ الْعَاشِرُ: فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى لِسَانِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ: هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ نَوْعٌ مِنْ أَسْبَابِ النُّزُولِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ مُوَافِقَاتُ عُمْرَ، وَقَدْ أَفْرَدَهَا بِالتَّصْنِيفِ جَمَاعَةٌ.وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الِلَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمْرَ وَقَلْبِهِ». قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَمَا نَزَلَ بِالنَّاسِ أَمْرٌ قَطُّ فَقَالُوا وَقَالَ: إِلَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى نَحْوِ مَا قَالَ عُمَرُ.وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانَ عُمْرُ يَرَى الرَّأْيَ، فَيَنْزِلُ بِهِ الْقُرْآنِ.وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الِلَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى؟ فَنَزَلَتْ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى} [الْبَقَرَة: 125] وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الِلَّهِ، إِنَّ نِسَاءَكَ يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَهُنَّ أَنْ يَحْتَجِبْنَ؟ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ. وَاجْتَمَعَ عَلَى رَسُولِ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاؤُهُ فِي الْغَيْرَةِ، فَقُلْتُ لَهُنَّ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التَّحْرِيم: 5] فَنَزَلَتْ كَذَلِكَ.وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ: فِي الْحِجَابِ وَفِي أَسْرَى بَدْرٍ، وَفِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ.وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: وَافَقْتُ رَبِّي- أَوْ وَافَقَنِي رَبِّي- فِي أَرْبَعٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} الْآيَةَ [الْمُؤْمِنُونَ: 12] فَلَمَّا نَزَلَتْ قُلْتُ أَنَا: فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، فَنَزَلَتْ {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 14].وَأَخْرَجَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى: أَنَّ يَهُودِيًّا لَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ الَّذِي يَذْكُرُ صَاحِبَكُمْ عَدُوٌّ لَنَا، فَقَالَ عُمَرُ: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ الِلَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [الْبَقَرَة: 98] فَنَزَلَتْ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ.وَأَخْرَجَ سُنَيْدٌ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ لَمَّا سَمِعَ مَا قِيلَ: فِي أَمْرِ عَائِشَةَ قَالَ: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النُّور: 16] فَنَزَلَتْ كَذَلِكَ.وَأَخْرَجَ ابْنُ أَخِي مِيمِي فِي فَوَائِدِه: عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: كَانَ رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَمِعَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، قَالَا: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}: زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَأَبُو أَيُّوبَ، فَنَزَلَتْ كَذَلِكَ.وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَمَّا أَبْطَأَ عَلَى النِّسَاءِ الْخَبَرَ فِي أُحُدٍ خَرَجْنَ يَسْتَخْبِرْنَ، فَإِذَا رَجُلَانِ مَقْتُولَانِ عَلَى دَابَّةٍ أَو عَلَى بَعِيرٍ. فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: مِنَ الْأَنْصَار: مَنْ هَذَانِ؟ قَالُوا: فُلَانٌ وَفُلَانٌ: أَخُوهَا وَزَوْجُهَا. أَوْ زَوْجُهَا وَابْنُهَا. فَقَالَتْ: مَا فَعَلَ رَسُولُ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: حَيٌّ قَالَتْ: فَلَا أُبَالِي، يَتَّخِذُ الِلَّهِ مِنْ عِبَادِهِ الشُّهَدَاءَ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى مَا قَالَتْ: {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} [آلِ عِمْرَانَ: 140].وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَات: أَخْبَرَنَا الْوَاقِدِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ الْعَبْدَرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَمَلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ اللِّوَاءَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى، فَأَخَذَ اللِّوَاءَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى، وَهُوَ يَقُولُ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}، ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى، فَحَنَى عَلَى اللِّوَاءِ وَضَمَّهُ بِعَضُدَيْهِ إِلَى صَدْرِهِ، وَهُوَ يَقُولُ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَا رَسُولٌ} [آلِ عِمَرَانَ: 144] يَوْمَئِذٍ، حَتَّى نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ.تَذْنِيبٌ: يَقْرُبُ مِنْ هَذَا مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ عَلَى لِسَانِ غَيْرِ الِلَّهِ، كَالنَّبِيِّ- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- وَجِبْرِيلَ، وَالْمَلَائِكَةِ، غَيْرُ مُصَرَّحٍ بِإِضَافَتِهِ إِلَيْهِمْ مِنْ أَسْبَابِ النُّزُولِ وَلَا مَحْكِيٌّ بِالْقَوْلِ، كَقَوْلِه: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ} الْآيَةَ، فَإِنَّ هَذَا وَارِدٌ عَلَى لِسَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ آخِرِهَا {وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} [الْأَنْعَام: 104].وَقَوْلُهُ: {أَفَغَيْرَ الِلَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا} الْآيَةَ [الْأَنْعَام: 114] فَإِنَّهُ وَارِدٌ أَيْضًا عَلَى لِسَانِهِ.وَقَوْلُهُ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَا بِأَمْرِ رَبِّكَ} الْآيَةَ [مَرْيَمَ: 64] وَارِدٌ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ.وَقَوْلُهُ: {مَا مِنَّا إِلَا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} [الصَّافَّات: 164- 166] وَارِدٌ عَلَى لِسَانِ الْمَلَائِكَةِ.وَكَذَا: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الْفَاتِحَة: 4] وَارِدٌ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعِبَادِ، إِلَا أَنَّهُ يُمْكِنُ هُنَا تَقْدِيرُ الْقَوْلِ، أَيْ: قُولُوا وَكَذَا الْآيَتَانِ الْأُولَيَانِ يَصِحُّ أَنْ يُقَدَّرَ فِيهِمَا (قُلْ) بِخِلَافِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ..النَّوْعُ الْحَادِي عَشَرَ: مَا تَكَرَّرَ نُزُولُهُ: صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ مِنَ الْقُرْآنِ مَا تَكَرَّرَ نُزُولُهُ.قَالَ ابْنُ الْحَصَّار: قَدْ يَتَكَرَّرُ نُزُولُ الْآيَةِ تَذْكِيرًا وَمَوْعِظَةً، وَذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ النَّحْلِ، وَأَوَّلَ سُورَةِ الرُّوم.وَذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ مِنْهُ آيَةَ الرُّوحِ. وَذَكَرَ قَوْمٌ مِنْهُ الْفَاتِحَةَ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ مِنْهُ قَوْلَهُ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا} الْآيَةَ [التَّوْبَة: 113].وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبُرْهَان: قَدْ يَنْزِلُ الشَّيْءُ مَرَّتَيْنِ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَتَذْكِيرًا عِنْدَ حُدُوثِ سَبَبِهِ وَخَوْفِ نِسْيَانِهِ. ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهُ آيَةَ الرُّوحِ، وَقَوْلُهُ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ} الْآيَةَ [هُودٌ: 114].قَالَ: فَإِنَّ سُورَةَ الْإِسْرَاءِ وَهُودٍ مَكِّيَّتَانِ، وَسَبَبُ نُزُولِهِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا نَزَلَتَا بِالْمَدِينَةِ؛ وَلِهَذَا أَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِهِمْ، وَلَا إِشْكَالَ؛ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ.قَالَ: وَكَذَلِكَ مَا وَرَدَ فِي سُورَةِ الْإِخْلَاصِ مِنْ أَنَّهَا جَوَابٌ لِلْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ، وَجَوَابٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ بِالْمَدِينَة. كَذَلِكَ قَوْلُهُ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا} الْآيَةَ [التَّوْبَة: 113].قَالَ: وَالْحِكْمَةُ فِي هَذَا كُلِّه: أَنَّهُ قَدْ يَحْدُثُ سَبَبٌ مِنْ سُؤَالٍ أَوْ حَادِثَةٍ تَقْتَضِي نُزُولَ آيَةٍ، وَقَدْ نَزَلَ قَبْلَ ذَلِكَ مَا يَتَضَمَّنُهَا فَيُوحِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الْآيَةَ بِعَيْنِهَا؛ تَذْكِيرًا لَهُمْ بِهَا وَبِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ هَذِهِ.تَنْبِيهٌ:قَدْ يُجْعَلُ مِنْ ذَلِكَ الْأَحْرُفُ الَّتِي تُقْرَأُ عَلَى وَجْهَيْنِ فَأَكْثَرَ. وَيَدُلُّ لَهُ، مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أُبَيٍّ «إِنَّ رَبِّي أَرْسَلَ إِلَيَّ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ، فَرَدَدْتُ إِلَيْه: أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي فَأَرْسَلَ إِلَيَّ أَنِ اقْرَأْهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ». فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنِ لَمْ يَنْزِلْ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ، بَلْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى.وَفِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ لِلسَّخَاوِيِّ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْقَوْلَ بِنُزُولِ الْفَاتِحَةِ مَرَّتَيْن: إِنْ قِيلَ: فَمَا فَائِدَةُ نُزُولِهَا مَرَّةً ثَانِيَةً؟ قُلْتُ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ أَوَّلَ مَرَّةٍ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، وَنَزَلَتْ فِي الثَّانِيةِ بِبَقِيَّةِ وُجُوهِهَا، نَحْوُ: مَلِكِ وَمَالِكِ وَالسِّرَاطَ وَالصِّرَاطَ، وَنَحْوُ ذَلِكَ. انْتَهَى.تَنْبِيهٌ:أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ كَوْنَ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ يَتَكَرَّرُ نُزُولُهُ، كَذَا رَأَيْتُهُ فِي كِتَابِ الْكَفِيلِ بِمَعَانِي التَّنْزِيلِ وَعِلَلِه:بِأَنَّ تَحْصِيلَ مَا هُوَ حَاصِلٌ لَا فَائِدَةَ فِيهِ. وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ فَوَائِدِهِ.وَبِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا نَزَلَ بِمَكَّةَ نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ مَرَّةً أُخْرَى، فَإِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ كُلَّ سَنَةٍ. وَرَدَّ بِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ.وَبِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْإِنْزَالِ إِلَّا أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَنْزِلُ عَلَى رَسُولِ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُرْآنٍ لَمْ يَكُنْ نَزَلَ بِهِ مِنْ قَبْلُ، فَيُقْرِؤُهُ إِيَّاهُ. وَرَدَّ بِمَنْعِ اشْتِرَاطِ قَوْلِه: لَمْ يَكُنْ نَزَلَ بِهِ مِنْ قَبْلُ.ثُمَّ قَالَ: وَلَعَلَّهُمْ يَعْنُونَ بِنُزُولِهَا مَرَّتَيْن: أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ حِينَ حُوِّلَتِ الْقِبْلَةُ، فَأَخْبَرَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْفَاتِحَةَ رُكْنٌ فِي الصَّلَاةِ كَمَا كَانَتْ بِمَكَّةَ فَظَنَّ ذَلِكَ نُزُولًا لَهَا مَرَّةً أُخْرَى، أَوْ أَقْرَأَهُ فِيهَا قِرَاءَةً أُخْرَى لَمْ يُقْرِئْهَا لَهُ بِمَكَّةَ فَظَنَّ ذَلِكَ إِنْزَالًا. انْتَهَى..النَّوْعُ الثَّانِي عَشَرَ: مَا تَأَخَّرَ حُكْمُهُ عَنْ نُزُولِهِ وَمَا تَأَخَّرَ نُزُولُهُ عَنْ حُكْمِهِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبُرْهَان: قَدْ يَكُونُ النُّزُولُ سَابِقًا عَلَى الْحُكْمِ، كَقَوْلِه: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الْأَعْلَى: 14- 15] فَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ. وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ نَحْوَهُ مَرْفُوعًا.وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَدْرِي مَا وَجْهُ التَّأْوِيلِ؟ لِأَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ، وَلَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ عِيدٌ وَلَا زَكَاةٌ وَلَا صَوْمٌ؟.وَأَجَابَ الْبَغَوِيُّ: بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النُّزُولُ سَابِقًا عَلَى الْحُكْمِ، كَمَا قَالَ: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} فَالسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، وَقَدْ ظَهَرَ أَثَرُ الْحِلِّ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، حَتَّى قَالَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- «أُحِلَّتْ لِي سَاعَةٌ مِنْ نَهَارٍ» وَكَذَلِكَ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [الْقَمَر: 45]. قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب: فَقُلْتُ أَيُّ جَمْعٍ؟ فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ وَانْهَزَمَتْ قُرَيْشٌ، نَظَرْتُ إِلَى رَسُولِ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آثَارِهِمْ مُصَلِّتًا بِالسَّيْفِ، وَيَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} فَكَانَتْ لِيَوْمِ بَدْرٍ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ.وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ} [ص: 11] قَالَ قَتَادَةُ: وَعَدَهُ اللَّهُ- وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ- أَنَّهُ سَيَهْزِمُ جُنْدًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَجَاءَ تَأْوِيلُهَا يَوْمَ بَدْرٍ. أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِه: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ} قَالَ: السَّيْفُ، وَالْآيَةُ مَكِّيَّةٌ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى فَرْضِ الْقِتَالِ، وَيُؤَيِّدُ تَفْسِيرَ ابْنِ مَسْعُودٍ: مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِهِ أَيْضًا قَالَ: «دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصْبًا، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِعُودٍ كَانَ فِي يَدِهِ، وَيَقُولُ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الْإِسْرَاء: 81] {جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}».وَقَالَ ابْنُ الْحَصَّار: قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ الزَّكَاةَ فِي السُّوَرِ الْمَكِّيَّاتِ كَثِيرًا، تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا بِأَنَّ الِلَّهَ سَيُنْجِزُ وَعْدَهُ لِرَسُولِهِ، وَيُقِيمُ دِينَهُ وَيُظْهِرُهُ؛ حَتَّى تُفْرَضَ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَسَائِرُ الشَّرَائِعِ، وَلَمْ تُؤْخَذِ الزَّكَاةُ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ بِلَا خِلَافٍ، وَأَوْرَدَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الْأَنْعَام: 141] وَقَوْلُهُ فِي سُورَةِ الْمُزَّمِّل: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [20]، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِيهَا {وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الِلَّهِ} [الْمُزَّمِّل: 20].وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى الِلَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} [فُصِّلَتْ: 33] فَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعِكْرِمَةُ، وَجَمَاعَةٌ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْمُؤَذِّنِينَ، وَالْآيَةُ مَكِّيَّةٌ وَلَمْ يُشْرَعِ الْأَذَانُ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ.وَمِنْ أَمْثِلَةِ مَا تَأَخَّرَ نُزُولُهُ عَنْ حُكْمِه: آيَةُ الْوُضُوءِ، فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيّ: «عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَقَطَتْ قِلَادَةٌ لِي بِالْبَيْدَاءِ، وَنَحْنُ دَاخِلُونَ الْمَدِينَةَ، فَأَنَاخَ رَسُولُ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَزَلَ فَثَنَى رَأْسَهُ فِي حِجْرِي رَاقِدًا، وَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَكَزَنِي لَكْزَةً شَدِيدَةً وَقَالَ: حَبَسْتِ النَّاسَ فِي قِلَادَةٍ؟ ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ وَحَضَرَتِ الصُّبْحُ، فَالْتَمَسَ الْمَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ، فَنَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} إِلَى قَوْلِهِ {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الْمَائِدَة: 6]» فَالْآيَةُ مَدَنِيَّةٌ إِجْمَاعًا، وَفَرْضُ الْوُضُوءِ كَانَ بِمَكَّةَ مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ.قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرّ: مَعْلُومٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْمَغَازِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ مُنْذُ فُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ إِلَا بِوُضُوءٍ، وَلَا يَدْفَعُ ذَلِكَ إِلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُعَانِدٌ. قَالَ: وَالْحِكْمَةُ فِي نُزُولِ آيَةِ الْوُضُوءِ مَعَ تَقَدُّمِ الْعَمَلِ بِهِ؛ لِيَكُونَ فَرْضُهُ مَتْلُوًّا بِالتَّنْزِيلِ.وَقَالَ غَيْرُهُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ الْآيَةِ نَزَلَ مُقَدَّمًا مَعَ فَرْضِ الْوُضُوءِ، ثُمَّ نَزَلَ بَقِيَّتُهَا- وَهُوَ ذِكْرُ التَّيَمُّمِ- فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ.قُلْتُ: يَرُدُّهُ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ.وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ أَيْضًا: آيَةُ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، وَالْجُمُعَةُ فُرِضَتْ بِمَكَةَ، وَقَوْلُ ابْنُ الْفَرَس: إِنَّ إِقَامَةَ الْجُمُعَةِ لَمْ تَكُنْ بِمَكَّةَ قَطُّ، يَرُدُّهُ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنْتُ قَائِدَ أُبَيٍّ حِينَ ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ بِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَسَمِعَ الْأَذَانَ يَسْتَغْفِرُ لِأَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدِ بْنِ زُرَارَةَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ أَرَأَيْتَ صَلَاتَكَ عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ كُلَّمَا سَمِعْتُ النِّدَاءَ بِالْجُمُعَةِ، لِمَ هَذَا؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ كَانَ أَوَّلُ مَنْ صَلَّى بِنَا الْجُمُعَةَ قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ.وَمِنْ أَمْثِلَتِه: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الْآيَةَ [التَّوْبَة: 60]، فَإِنَّهَا نَزَلَتْ سَنَةَ تِسْعٍ، وَقَدْ فُرِضَتِ الزَّكَاةُ قَبْلَهَا فِي أَوَائِلِ الْهِجْرَةِ.قَالَ ابْنُ الْحَصَّار: فَقَدْ يَكُونُ مَصْرِفُهَا قَبْلَ ذَلِكَ مَعْلُومًا، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ قُرْآنٌ مَتْلُوٌّ، كَمَا كَانَ الْوُضُوءُ مَعْلُومًا قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةُ، ثُمَّ نَزَلَتْ تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ تَأْكِيدًا بِهِ..النَّوْعُ الثَّالِثَ عَشَرَ: مَا نَزَلْ مُفَرَّقًا وَمَا نَزَلْ جَمْعًا: الْأَوَّلُ غَالِبُ الْقُرْآنِ. وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ فِي السُّوَرِ الْقِصَار: اقْرَأْ أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنْهَا، إِلَى قَوْلِه: مَا لَمْ يَعْلَمْ. وَالضُّحَى أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنْهَا، إِلَى قَوْلِه: فَتَرْضَى كَمَا فِي حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ.وَمِنْ أَمْثِلَةِ الثَّانِي سُورَةُ الْفَاتِحَةِ، وَالْإِخْلَاصِ، وَالْكَوْثَرِ، وَتَبَّتْ، وَلَمْ يَكُنْ , وَالنَّصْرُ، وَالْمُعَوِّذَتَانِ نَزَلَتَا مَعًا.وَمِنْهُ فِي السُّوَرِ الطِّوَالِ (الْمُرْسَلَاتُ). فَفِي الْمُسْتَدْرَك: «عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ، فَنَزَلَتْ عَلَيْه: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا}، فَأَخَذْتُهَا مِنْ فِيهِ وَإِنَّ فَاهُ رَطْبٌ بِهَا، فَلَا أَدْرِي بِأَيِّهَا خَتَمَ {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [الْمُرْسَلَات: 50] أَوْ {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ}» [الْمُرْسَلَات: 48].وَمِنْهُ سُورَةُ الصَّفِّ، لِحَدِيثِهَا السَّابِقِ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ.وَمِنْهُ سُورَةُ الْأَنْعَام: فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالطَّبَرَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ بِمَكَّةَ لَيْلًا جُمْلَةً، حَوْلَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ.وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ عَطِيَّةَ الصَّفَّارِ- وَهُوَ مَتْرُوكٌ- عَنِ ابْنِ عَوْفٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَزَلَتْ عَلَيَّ سُورَةُ الْأَنْعَامِ جُمْلَةً وَاحِدَةً يُشَيِّعُهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ».وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ بِسَنَدٍ فِيهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ: عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ خَمْسًا خَمْسًا إِلَا سُورَةَ الْأَنْعَام: فَإِنَّهَا نَزَلَتْ جُمْلَةً فِي أَلْفٍ، يُشَيِّعُهَا مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ سَبْعُونَ مَلَكًا حَتَّى أَدَّوْهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، مَرْفُوعًا: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ سُورَةُ الْأَنْعَامِ جُمْلَةً وَاحِدَةً، يُشَيِّعُهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ.وَأَخْرَجَ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: نَزَلَتِ الْأَنْعَامُ كُلُّهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً، مَعَهَا خَمْسُمَائَةِ مَلَكٍ.وَأَخْرَجَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: أُنْزِلَتِ الْأَنْعَامُ جَمِيعًا وَمَعَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ.فَهَذِهِ شَوَاهِدُ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا.وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوَاهُ: الْحَدِيثُ الْوَارِدُ أَنَّهَا نَزَلَتْ جُمْلَةً، رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَلَمْ نَرَ لَهُ إِسْنَادًا صَحِيحًا، وَقَدْ رُوِيَ مَا يُخَالِفُهُ، فَرُوِيَ أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ جُمْلَةً وَاحِدَةً، بَلْ نَزَلَتْ آيَاتٌ مِنْهَا بِالْمَدِينَةِ اخْتَلَفُوا فِي عَدَدِهَا، فَقِيلَ: ثَلَاثٌ وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
|